من هو كليم الله؟
لقد حظي موسى -عليه السلام- بفضل عظيم وشرفٍ عميم اختصّه به الله -عزّ وجلّ- لحكمة بالغة لا يعلمها إلّا هو، وهو تكليمه في الأرض؛ إذ أكرمه الله -تعالى- وكلمه من فوق سبع سموات تكليمًا مباشر من دون وحي أو واسطة بشر كباقي الأنبياء والرسل، وجاء ذلك بدليل قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا}،وقوله تعالى: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي}، فهذا الاصطفاء والتخصيص ما جاء إلا لموسى-عليه السلام- الذي عرف بعدها بكليم الله أو كليم الرحمن.
لماذا كلم الله موسى؟
إنّ سبب تكليم الله -تعالى- لموسى -عليه السلام- هو الأمر بتبليغ الرسالة، فلقد كان لكل نبي من الأنبياء -عليهم السلام- طريقة خاصة في تبليغه الرسالة، واختُصّ موسى -عليه السلام- بشرف التكليم وعدم إرسال الوحي الذي ينقله رئيس الملائكة جبريل عليه السلام.
وقد رأى بعض العلماء أنّ رسالة موسى -عليه السلام- كانت من أصعب الرسالات التي قد أُرسِلَ بها الأنبياء باستثناء رسالة سيد البشرية صلّى الله عليه وسلّم، ولا سيما أنّ موسى -عليه السلام- كان مرسلًا إلى فرعون الذي كان أكبر طاغية على وجه الأرض، وقومه الذين كانوا على عقيدة قديمة، ولهذا احتاجت إلى عمل شاق ودعوة مستمرة.
ولذلك كان من حكمة الله أنْ فضّله قبل البدء بهذه الدعوة الشاقة بالتكليم المباشر من دون واسطة؛ إذ طلب فيها موسى أنْ يعينه أخوه هارون -عليهما السلام- في تبليغ رسالته، قال -تعالى- على لسان موسى عليه السلام: {وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي}،ممّا سبق يظهر أنّ الحكمة من تكليم موسى -عليه السلام- دون غيره من الأنبياء مجهولة لا يعلمها إلّا الله -تعالى- وحده، بدليل قوله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۘ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللهُ ۖ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ}.
أين كلّم الله تعالى موسى؟
إنَّ النّداء العلوي الذي أكرم الله -عزّ وجلّ- به موسى -عليه السلام- وقع عند الوادي الأيمن، وهو وادِِ يقال له طُوى قال تعالى: {إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}،وقيل إنّه وادِِ في أرض سيناء في بلاد مصر؛وهو مكان مبارك وطاهر بدليل وصف الله -تعالى- له بالمقدس، وقد سمع عنده موسى -عليه السلام- آيات الله عزّ وجلّ.
هل كلّم الله محمدًا صلى الله عليه وسلم؟
جاء تكليم الله -عزّ وجلّ- لثلاثة أنبياء؛ وهم: آدم وموسى الذي لُقب بكليم الله، وسيد المرسلين محمد صلّى الله وسلّم عليهم أجمعين، فقد كلم الله -تعالى- في ليلة الإسراء والمعراج النبي عليه الصلاة والسلام، فعندما عُرج به إلى السماء العليا عند سدرة المنتهى أكرمه الله -عزّ وجلّ- بهذا الشرف العظيم الذي زاده فضلًا وتشريفًا، وهناك كلم النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ربّه في أمر الصلوات الخمس وطلب التخفيف على العباد، فصارت خمس صلوات ولكنّها في الأجر خمسين صلاة،ومن الجدير بالذكر أنَّ الله -عزّ وجلّ- كلم موسى -عليه السلام- على الأرض وآدم ومحمد -عليهما الصلاة السلام- في السماء العليا.