من هم الصفات التي يجب توافرها في المبنى الصديق للبيئة هي أن يتوافق الطابع المعماري له مع البيئة من الناحية التاريخية و الاجتماعية بل ومع العادات و تقاليد المجتمع الذي يستعمل هذا المبنى مهما كانت الوظيفة التي يؤديها , ذلك لأن الطابع المعماري يعكس صورة الحضارة الإنسانية في كل زمان و مكان و يمس شخصية المجتمع و اتزان الفرد فيه من الناحية الصحية و النفسية .
وكلمة (طابع) تعني السجية التي فطر عليها الإنسان , أي التلقائية بلا افتعال أو إملاء , أما عند تخصيص المعنى بالنسبة للطابع المعماري فتكون التلقائية هي نبت البيئة و يظهر ذلك في استخدام أشكال معمارية تكيفت مع ظروف هذه البيئة بما يقابل السجية التي فطر عليها الإنسان , و على ذلك فإن الطابع المعماري لا ينشأ فجأة ولا يأتي من فراغ , بل إنه يأتي نتيجة مراحل تطور عدة مر بها فن العمارة ليرد على متطلبات البيئة و المجتمع الذي نشأ فيه هذا الطابع .
و يمكن إيجاز العوامل التي تؤثر على الطابع المعماري في مجموعتين رئيسيتين و هما
المجموعة الأولى : و هي عوامل البيئة الطبيعية التي تحدد خواص المكان و يكون تأثيرها عليه بطريقة مباشرة على مدى العصور المتعاقبة , فهي إذن ثابتة التأثير زمانا و مكانا على الطابع المعماري كالعوامل المناخية و الجغرافية و مواد البناء المحلية .
المجموعة الثانية : وهي العوامل الحضارية التي هي ناتج تفاعل الإنسان مع بيئته الطبيعية وهي تشمل العامل الديني و الاجتماعي و السياسي و الاقتصادي إلى جانب الأفكار الفلسفية و العلمية و الفنية .
وبالنظر إلى العمران المعاصر نجد أن(الطراز الدولي للعمارة) و الذي أملاه المعماريون الغربيون على المجتمع العالمي بغرض توحيد الفكر المعماري و التخطيطي في جميع أنحاء العالم نجده أصبح مهيمنا دون مراعاة للاختلافات البيئية و الحضارية و الثقافية لكل مجتمع , ومن هنا تظهر أهمية التعمق في التراث المعماري الخاص بكل منطقة من أجل الاستفادة من الظروف التي أوجدت هذا التراث ثم تقييمه بغرض استلهام ما يتواءم منه و يصلح للتطبيق في البيئة و المجتمع المعاصر , ومن هنا تكون البداية لإيجاد طابع معماري للعمارة و المباني بما يتوافق مع كل بيئة بشقيها الطبيعي و الحضاري