كم ادهشني نبض قلبها
بقلم: رحمة التميمي وكم أدهَشَني نبضُ قلبِها، حينَما رأيتُها تُداعِبُ بطنَها المُتكَوِّرَ، وتَتَحَسَّسُ ذاكَ الجزءَ الجَميلَ الَّذي يسكُنُها شاهدتُها تَسرَحُ في خَيالِها، وتَحلُمُ؛ ترسُمُ قصةً خياليّةً لمخلوقٍ جَديدٍ تَنتظِرُه بلهفَةٍ تَشتاقُه وتُحِبُّهُ، حتى قبلَ أنْ تراه.
. رأيتُها تَتنهَّدُ عند كُلِّ مَبسَمٍ مِنْها، وكَأَنَّها خائفَةٌ، ولكنْ مِنْ ماذا تخافُ؟ وحلمُها الصغيرُ يحتضِنُ جسدَهَا، ويتلاعَبُ داخلَها، يُخبِرُها: أنا هنا.. لا تَحزَني يا أمّي ! فَما الَّذي يُخِيفُها ! اقتربَتْ منها وإذْ بِدَمعةٍ تقِفُ على أطرافِ عَينِها، تبكي ! سألتُها ! ما بكِ تتنهَّدين، تَبكينَ وتبْتَسمينَ ! ألا تُدركينَ ما تَشعرينَ به؟ ! فقالت.. مُنذُ مُدة ليستْ بطويلةٍ، تَعلَّقْتُ بِقلبٍ لا يُحِبُّني، وتزوَّجتُ بقلبٍ آخرَ أُحِبّه. فخُنْتُ هذا بذاك. ابتَسَمَتْ، وهي تَرى علامَةَ الذُّهولِ على وَجهي.. وأكْمَلَتْ.. الأمر كُلُّهُ مُتَعلِّقٌ بهذا، وأشارَتْ بأناملِها على بَطنِها، هنا… حينما تزوَّجْتُ، كان الأمر مُجرَّدَ تقليدٍ؛ كي لا يُقالَ لي: عانسٌ، مثلا..!! الأمومة.
. شيءٌ مُعتادٌ، لا يَتجاوزُ حُدودَ حِفاظِ النَّسْلِ ! ومَا إنْ بَدا داخِلي يَتَكَوَّرُ، تَعَلَّمتُ.. وَبدأتُ أشعر بِجَمالِ ما أمُرُّ به.. الشعورُ بأنَّ هناك جَسدًا آخرَ يَتَكَوَّرُ فِيَّ.. جَميلٌ مُجرَّدُ التفكير في الأمر يُشعرُني بالسَّعادةِ.. فكيفَ بَعدَ أنْ حَدَثَ، دونَ أنْ أراهُ أحْبَبْتهُ، دونَ أنْ ألمسَهُ شَعرتُ به.. الأجملُ مِن كُلِّ هذا هو مُشاركَتُهُ لِحُزني وفَرَحي.. إن شعرتُ بِالحُزنِ استشعَرَ بِقَدَميْهِ اللتينِ تَطرُقانِ جِدًّارَ بَطني؛ وكَأَنَّهُ يقولُ: اطمئني.. وإن كنتُ سعيدةً، شعرتُ بحَركاتِ قلبِه وهُوَ يَتراقَصُ داخلي. وأعلم بأنَّ السؤالَ ما زالَ يقِفُ على طَرَفِ لِسانِك.
.كيفَ خُنْتِ هذا بذاك ! الأمر بسيطٌ يا عزيزتي. كلُّ ما في الأمر أنّي أحْبَبْتُ طفلي أكثر من الحُبّ الَّذي خلقه الله في قلبي لزوجي أحْبَبْت ذاك المخلوق الصغير الَّذي يحتفظ داخلي وكأنّي لَمْ أحب أحدًا مِن قَبلُ.. وكَأَنَّهُ الحُبُّ الوَحيدُ الَّذي سَكَنني.. تعلمينَ.. الشعورُ بأنْ تَصبحي أمًّا، في غاية الرَّوْعَة.. فقط إنْ أحسَنتِ الأُمومَةَ.. صغيرتي، مَهْمَا أَخَذَني الحَديثُ بِوَصفِ هذا الشّعورِ، لن أوفيَ الأمرَ حقَّهُ.. لذا، فَإنّي أدعو الله أنْ لا يحرِمَكِ من لَذَّة هذا الحُبِّ.. ابتسمَتْ لي ورحَلَتْ.. حينها أدركتُ حَقًّا، ما يعنيه خوفُ أمّي.. حينها تَعرَّفْت على نَظرةِ القلقِ والاهتمَامِ التي تَسكُنُ عَيْنَيْ أمّي دَومًا.. حقًّا، لا شيءَ يَصِفُ شُعورَ الأُمُومَةِ..